ثم ينتقل إلى أن يقول: (ثم اعلم أنه لما كان نصب الإمام واجباً لإقامة الدين وجب أن يكون واحداً) أي: لا بد أن يكون الخليفة واحداً، لا بد أن يكون إمام المسلمين في الظاهر واحداً؛ لئلا يقع التنازع والتضاد والفساد، وكما قال
أبو بكر رضي الله تعالى عنه: [
لا يجتمع سيفان في غمد]، أي: لا بد أن يكون الخليفة واحداً، ويريدون بهذا أن يقولوا: فحكم هذا الإمام في الوجود حكم القطب في عالم الباطن. قال: (وقد يكون من ظهر من الأئمة بالسيف أيضاً قطب الوقت)، إذاً: ربما يجتمع في بعض الخلفاء الظاهرين أن يكون هو القطب في الباطن وفي الظاهر هو الخليفة، قال: (كـ
أبي بكر و
عمر في وقته)! فهو أول شيء جعل
أبا بكر و
عمر ممن تولي بالسيف، وهذا لا حقيقة له، بل هما رضي الله عنهما ممن أجمعت عليهما الأمة قاطبة حتى ظهرت زندقة
عبد الله بن سبأ اليهودي -لعنه الله- وادعى ما ادعى، حتى
علي رضي الله عنه الذي ينتمي إليه
السبئية ومن اقتفاهم من
الشيعة الإمامية وغيرهم أجمعوا على بيعة
أبي بكر ثم بيعة
عمر رضي الله تعالى عنه، وكذلك
الخوارج لا يخالفون ولا يجادلون في بيعة الشيخين وإمامتهما وخلافتهما رضي الله تعالى عنهما.إذاً: قد يكون كذلك، وقد لا يكون قطب الوقت، فتكون الخلافة لقطب الوقت الذي لا يكون إلا بصفة العدل، ويكون هذا الخليفة الظاهر من جملة نواب القطب في الباطن، أي: إما أن يكون الخليفة الظاهر للمسلمين هو القطب كما كان
أبو بكر و
عمر ، وإما أن يكون القطب هو الباطن، والخليفة الذي يحكم المسلمين في الظاهر نائباً عن القطب في الباطن، وكل هذا الكلام تخريفات لم يدعيها لا خليفة ولا حاكم ولا محكوم، بل ولا جاءت في كتاب ولا في سنة ولا في كلام صحابي ولا في كلام تابعي، لكن ملايين من الناس في العالم الإسلامي يعتقدون هذا والعياذ بالله، فيتعبدون ويقدسون ويعظمون هؤلاء الرجال على أنهم أقطاب أو أوتاد أو أبدال إلى غير ذلك من الضلالات.